الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
والمراد هنا الملائكة والأنبياء، لأنهم وسائط بين اللّه وخلقه في البيان عما يريد، {كرام}: واحدهم كريم، {بررة}: واحدهم بارّ، والمراد أنهم كرام على اللّه، أطهار لا يقارفون ذنبا.{قدره}: أي أنشأه في أطوار وأحوال مختلفة، طورا بعد طور، وحالا بعد حال، و{السبيل}: الطريق، {يسره}: أي سهل له سلوك سبل الخير والشر، {فأقبره}: أي جعل له قبرا يوارى فيه، {أنشره}: أي بعثه بعد الموت، {كلا}: زجر له عن ترفعه وتكبره.القضب: الرطبة، وهى ما يؤكل من النبات غضا طريا وسمى قضبا لأنه يقضب أي يقطع مرة بعد أخرى، {غلبا}: واحدها غلباء أي ضخمة عظيمة، والأبّ: المرعى لأنه يؤب: أي يؤم وينتجع، {متاعا لكم ولأنعامكم}: أي أنبتناه لكم لتتمتعوا به وتننفعوا وتنتفع أنعامكم.الصخّ: الضرب بالحديد على الحديد، وبالعصا الصّلبة على شيء مصمت، فيسمع إذ ذاك صوت شديد والمراد هنا بـ: {الصاخة} هو المراد بالقارعة في سورتها، وهى الطامة الكبرى، ويكون نذيرها ذلك الصوت الهائل الذي يحدث من تخريب الكون ووقع بعض أجرامه على بعض، ومن ثمّ سميت صاخة وقارعة، شأن: أي شغل، يغنيه: أي يصرفه ويصده عن مساعدة ذوي قرابته، قال شاعرهم: {مسفرة}: أي مضيئة مشرقة يقال: أسفر الصبح إذا أضاء، {مستبشرة}: أي فرحة بما نالت، والغبرة: ما يصيب الإنسان من الغبار، {ترهقها}: أي تغشاها، والقترة: سواد كالدخان، و{الفجرة}: واحدهم فاجر، وهو الخارج عن حدود اللّه المنتهك لحرماته. اهـ.. باختصار.
فتستريحَ النفس من زفْراتها * وتُنْقعَ الغلَّةُ من غُلاتهاوَقد قرأ بعضهم: {أأن جاءه الأعمى} بهمزتين مفتوحتين، أى: أن جاءه عبس، وهو مثل قوله: {أأنْ كان ذا مالٍ وبَنِينَ}.{فَأَنتَ لَهُ تصدى}وقوله عز وجل: {فَأَنتَ لَهُ تصدى...}.ولو قرأ قارئٌ: {تصدى} كان صوابا.{كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ}وقوله عز وجل: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ...}.هذه السورة تذكرة، وإن شئت جعلت الهاء عماداً لتأنيث التذكرة.{فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ...}.ذكر القرآن رجع التذكير إلى الوحى.{فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ...}.لأنها نزلت من اللوح المحفوظ مرفوعة عند ربك هنا لك مطهرة، لا يمسها إلا المطهرون، وهذا مثل قوله: {فالمدبرات أَمْراً}.جعل الملائكة والصحف مطهرة؛ لأن الصحف يقع عليها التطهير، فجعل التطهير لمن حملها أيضاً.{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}وقوله عز وجل: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ...}.وهم الملائكة، واحدهم سافر، والعرب تقول: سفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحى الله تبارك وتعالى وتأديبه كالسفير الذي يصلح بين القوم، قال الشاعر: والبررة: الواحد منهم في قياس العربية بار؛ لأن العرب لا تقول: فَعَلة يَنْووُنَ به الجمع إلا والواحد منه فاعل مثل: كافر وكفرة، وفاجر فجرة. فهذا الحكم على واحده بار، والذى تقول العرب: رجل بَرّ، وامرأة برة، ثم جمع على تأويل فاعل، كما قالوا: قوم خَيَرَة بَرَرَة. سمعتها من بعض العرب، وواحد الخَيرَة: خيّر، والبررة: برٌّ. ومثله: قوم سَراةٌ، واحدهم: سِرىّ. كان ينبغى أن يكون ساريا. والعرب إذا جمعت: ساريا جمعوه بضم أوله فقالوا: سُراة وغُزاة. فكأنهم إذ قالوا: سُرَاة: كرهوا أن يضموا أوله. فيكون الواحد كأنه سارٍ، فأرادوا أن يفرقوا بفتحة أول سَراةٍ بين: السرىّ والسارى.{قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}وقوله عز وجل: {مَآ أَكْفَرَهُ...}.يكون تعجبا، ويكون: ما الذي أكفره؟ وبهذا الوجه الآخر جاء التفسير، ثم عجّبه، فقال: {مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ...} ثم فسّر فقال: {مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ...} أطورا نطفة، ثم علقة إلى آخر خلقِه، وشقيا أو سعيدا، وذكرا أو أنثى.{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} وقوله عز وجل: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ...}.معناه: ثم يسره للسبيلِ، ومثله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}، أى: أعلمناه طريق الخير وطريق الشر.{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}وقوله عز وجل: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ...}.جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يُلقَى للسباع والطير، ولا ممن يلقى في النواويس، كأن القبر مما أكرم المسلم به، ولم يقل: فقبره؛ لأنّ القابر هو الدافن بيده، والمُقبِر: الله تبارك وتعالى؛ لأنه صيره ذا قبر، وليس فعله كفعل الآمى. والعرب تقول: بترتُ ذنب البعير، والله أبتره. وعضبت قرن الثور، والله أعضبه، وطردت فلانا عنى، والله أطرده صيّره طريدا، ولو قال قائل: فقبره، أو قال في الآدمى: أقبره إذا وجهه لجهته صلح، وكان صوابا؛ ألا ترى أنك تقول: قتل فلان أخاه، فيقول الآخر: الله قتله. والعرب تقول: هذه كلمة مُقتلة مُخيفة إذا كانت من قالها قُتِل قيلت هكذا، ولو قيل فيها: قاتلة خائفة كان صوابا، كما تقول: هذا الداء قاتلك.{كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ}وقوله تبارك وتعالى: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ...}.لم يقض بعض ما أمره.{أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً}وقوله عز وجل: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً...}.قرأ الأعمش وعاصم (أنا) يجعلانها في موضع خفض أى: فلينظر إلى صبِّنَا الماء إلى أن صَبَبْنا، وفعلنا وفعلنا. وقرأ أهل الحجاز والحسن البصرى: (إنا) يخبر عن صفة الطعام بالاستئناف، وكلٌّ حسن، وكذلك قوله جل وعز: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقبةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ}، و{إِنا دمرناهم}. وقد يكون موضع (أنا) ها هنا في (عبس) إذا فتحتْ رفعا كأنه استأنف فقال: طعامه، صَبُّنا الماء، وإنباتُنا كذا وكذا.{فَأَنبَتْنَا فِيهَا حبًّا}، وقوله تبارك وتعالى: {حبًّا...}.الحب: كل الحبوب: الحنطة والشعير، وما سواهما. والقضب: الرَّطبةُ، وأهل مكة يسمون القتَّ: القضب. والحدائق: كل بستان كان عليه حائط فهو حديقة. وما لم يكن عليه حائط لم يُقَل: حديقة. والغُلْب: ما غلظ من النخل. والأبّ: ما تأكله الأنعام. كذلك قال ابن عباس.{مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}وقوله تبارك وتعالى: {مَّتَاعاً لَّكُمْ...}.أى: خلقناه متعةً لكم ومنفعة. ولو كان رفعا جاز على ما فسرنا.{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّآخَّةُ}وقوله عز وجل: {الصَّآخَّةُ...}: القيامة.{يوم يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ}وقوله عز وجل: {يوم يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ...}.يفر من أخيه: من، وعن فيه سواء.{لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يومئِذٍ شَأْنٌ يغنيه}وقوله عز وجل: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يومئِذٍ شَأْنٌ يغنيه...}.أى: يشغله عن قرابته، وقد قرأ بعض القراء: {يعنيه} وهى شاذة.{وُجُوهٌ يومئِذٍ مُّسْفِرَةٌ}وقوله تبارك وتعالى: {وُجُوهٌ يومئِذٍ مُّسْفِرَةٌ...}.مشرقة مضيئة، وإذا ألقت المرأة نقابها، أو برقعها قيل: سفرت فهى سافرٌ، ولا يقال: أسفرت.{تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ}وقوله عز وجل: {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ...}.ويجوز في الكلام: قَتْرة بجزم التاء. ولم يقرأ بها أحدٌ. اهـ.
{وقضباً} [28] القت، وكل رطب يقضب مرة فينبت ثانيةً.{غلباً} [30] لاغلاظ الأشجار، ملتفة الأغصان، جمع غلباء. ويقرب أن يكون الغلباء اسم النخلة العظيمة، كما يقال لها: الجبارة والمجنونة. ألا ترى إلى جمع الشاعر بين الأغلب والمجنون: والفاكهة: الثمرة الرطبة. واليابسة منها: الأب، لأنه يعد للشتاء والأسفار. والأب: الاستعداد.وقال الأعشى: {الصاخة} [33] صيحة القيامة، وهي التي تصك الأسماع وتصخها.{شأن يغنيه} [37] يكفيه ويشغله عن غيره.{ترهقها قترة} [41] تغشاها ظلمة الدخان.تمت سورة عبس. اهـ.
|